خلال الساعتين الأخيرتين، يتركز حديث المسوقين في السعودية، الإمارات ومصر على استخدام الذكاء الاصطناعي لبناء أصول تسويقية مملوكة (قوائم بريدية، مجتمعات، محتوى دائم) لتقليل الاعتماد الخطير على إعلانات المنصات فقط.
اتجاه جديد في الخليج والشرق الأوسط: الذكاء الاصطناعي لتقليل الاعتماد على المنصات الإعلانية وبناء أصول تسويقية مملوكة
في الساعتين الأخيرتين، اشتعلت نقاشات المسوقين ورواد الأعمال في الخليج والشرق الأوسط حول فكرة محورية: لا يمكن الاستمرار في الاعتماد على إعلانات المنصات فقط (فيسبوك، إنستجرام، تيك توك، جوجل) لبناء البيزنس في السعودية، الإمارات ومصر، بل يجب بناء أصول تسويقية مملوكة (Owned Assets) مثل القوائم البريدية، المجتمعات الخاصة، المحتوى الدائم – مع توظيف الذكاء الاصطناعي كعامل تسريع وإدارة لهذه الأصول.
هذا الاتجاه ليس نظريًا؛ بل يأتي كرد فعل واقعي على ارتفاع التكاليف الإعلانية، التغييرات في سياسات المنصات، وظهور حالات فعلية لمشاريع في السعودية والإمارات ومصر تضررت بشدة من إغلاق أو تعطيل حساباتها الإعلانية أو صفحاتها دون سابق إنذار.
لماذا بدأ المسوقون في الخليج والشرق الأوسط يخافون من الاعتماد الكلي على المنصات؟
المحتوى المتداول الآن بين المسوقين العرب يركز على ثلاثة أسباب رئيسية:
- عدم التحكم في المنصات: أي تغيير في خوارزميات إنستجرام أو تيك توك، أو إيقاف مفاجئ لحساب إعلاني في السعودية أو الإمارات، قد يوقف المبيعات بين ليلة وضحاها.
- ارتفاع تكاليف الإعلانات: المنافسة الشرسة في قطاعات مثل التجارة الإلكترونية والعقار والتعليم جعلت CPA يرتفع، خاصة في أسواق مثل الرياض ودبي.
- تشدد في السياسات: قصص متكررة عن إعلانات مرفوضة، حظر حسابات، أو قيود على أنواع معينة من المحتوى، ما يعرّض البيزنس لمخاطر مستمرة.
هنا بدأ يظهر اتجاه واضح: استخدام الذكاء الاصطناعي في التسويق الرقمي ليس فقط لتحسين الإعلانات، بل لبناء ما هو خارج سيطرة المنصات، ويظل مملوكًا للبراند على المدى الطويل.
ما هي الأصول التسويقية المملوكة (Owned Assets) التي يتحدّث عنها المسوقون الآن؟
التركيز الحالي يتحول إلى بناء ثلاث فئات رئيسية من الأصول المملوكة باستخدام الذكاء الاصطناعي في السعودية، الإمارات ومصر:
1. القوائم البريدية (Email Lists) كقناة مستقلة
القائمة البريدية تعني امتلاك وسيلة تواصل مباشرة مع عملائك ومتابعيك دون وساطة منصة. المسوقون الآن في الخليج والشرق الأوسط يعيدون اكتشاف قوة الإيميل، خاصة مع:
- تحسن أدوات الأتمتة.
- دقة الاستهداف بناءً على السلوك.
- قدرة الإيميل على توليد مبيعات متكررة بتكلفة شبه صفرية بعد بنائه.
2. المجتمعات الخاصة (Communities) على منصات شبه مملوكة
مثل:
- جروبات خاصة على واتساب أو تيليجرام.
- مجتمعات مدفوعة على منصات متخصصة.
- قنوات مغلقة تقدم محتوى مميزًا لأعضاء محددين.
هذه المجتمعات لا تضمن استقلالية كاملة مثل الإيميل، لكنها تمنح تحكمًا أعلى من الاعتماد فقط على خوارزميات السوشيال العامة.
3. المحتوى الدائم (Evergreen Content)
محتوى طويل الأمد يعيش على:
- مواقعك ومدوناتك.
- قنوات يوتيوب.
- بودكاستات ومنصات محتوى يمكن أرشفتها والبحث فيها.
هذا المحتوى يصبح أصلًا يجذب الزيارات والعملاء لسنوات، بدل حملات قصيرة العمر فقط.
دور الذكاء الاصطناعي في بناء هذه الأصول في السعودية، الإمارات ومصر
خلال الساعتين الأخيرتين، تركز المحتوى العملي على كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في التسويق الرقمي في بناء هذه الأصول بسرعة وبجودة عالية، دون الحاجة لفرق ضخمة.
1. الذكاء الاصطناعي والقوائم البريدية في السوق السعودي والإماراتي والمصري
المسوّقون يستخدمون AI في:
- كتابة صفحات الهبوط (Landing Pages) التي تجمع الإيميلات، مع تخصيص الرسائل لكل دولة:
- نسخة تستهدف جمهور السعودية (مثلاً رواد الأعمال في الرياض).
- نسخة تستهدف جمهور الإمارات (مدراء التسويق في دبي وأبوظبي).
- نسخة تستهدف جمهور مصر (فريلانسرز وأصحاب مشاريع صغيرة).
- صياغة سلاسل الترحيب (Welcome Sequences) بالعربية:
- رسالة تعريفية بالبراند والقيمة.
- رسالة تحتوي على أفضل محتوى مجاني.
- رسالة تعرض عرضًا خفيفًا لأول شراء أو اشتراك.
- تجزئة القائمة حسب سلوك المشترك (يفتح الإيميلات، يضغط الروابط، يزور صفحات معينة)، وبناء حملات مختلفة لكل شريحة.
في السعودية، مثلًا، يستخدم متجر إلكتروني AI لتحليل من يفتح النشرات البريدية من الرياض وجدة والدمام، ثم تخصيص عروض مختلفة لكل منطقة. في الإمارات، تُستخدم نفس التقنية لتمييز العملاء من الإمارات عن السعوديين أو المصريين داخل القائمة نفسها.
2. بناء المجتمعات بالمحتوى الذكي والتفاعل المنظّم
في الخليج ومصر، يعتمد رواد الأعمال والمدربون على جروبات واتساب وتيليجرام كقنوات رئيسية لبناء ولاء وبيع منتجات رقمية وخدمات.
الذكاء الاصطناعي يدخل هنا في:
- تخطيط المحتوى الشهري للمجتمع:
- أيام للنصائح.
- أيام للأسئلة والأجوبة.
- أيام للعروض أو إطلاق المنتجات.
- تلخيص النقاشات الطويلة في الجروبات إلى نقاط رئيسية قابلة للأرشفة وإعادة الاستخدام في محتوى عام.
- اقتراح ردود أولية على الأسئلة الشائعة، مع مراجعة بشرية قبل النشر لضمان الدقة والدفء الإنساني.
في مصر، يستخدم مدربون ومبرمجون AI لكتابة ملخص أسبوعي لجروبهم على تيليجرام يُرسل عبر الإيميل للأعضاء، فيربطون بذلك بين المجتمع والقائمة البريدية كأصلين متكاملين.
3. إنتاج المحتوى الدائم بالعربية بسرعة وجودة
على مستوى المحتوى، يستغل المسوقون في السعودية والإمارات ومصر الذكاء الاصطناعي في:
- توليد مسودات مقالات SEO تستهدف كلمات بحث محلية بالعربية:
- “التجارة الإلكترونية في السعودية”، “التسويق العقاري في دبي”، “العمل الحر في مصر”، وغيرها.
- تخطيط حلقات بودكاست وفيديوهات يوتيوب تستهدف جمهور الخليج والشرق الأوسط.
- تحويل المحتوى القصير على السوشيال (ثريد، بوست، ريل) إلى محتوى دائم: مقال، فيديو يوتيوب، أو دليل PDF.
بهذا يتحول ما كان يُستهلك في يوم واحد على إنستجرام أو تيك توك إلى أصل محتوى يعيش شهورًا وسنوات على المدونة أو قناة اليوتيوب، ويُعاد استثماره مرارًا.
أمثلة عملية من السعودية، الإمارات ومصر على هذا الاتجاه
مثال من السعودية: متجر إلكتروني يبني قاعدة خاصة به
متجر سعودي لمنتجات العناية الشخصية لاحظ أن الاعتماد على إعلانات إنستجرام وسناب وحدها أصبح مكلفًا. فقرر:
- استخدام AI لصياغة دليل مجاني بالعربية عن روتين العناية اليومية يناسب المناخ السعودي.
- نشر هذا الدليل عبر صفحة هبوط تجمع الإيميلات، مع إعلانات موجهة للسعوديين فقط.
- بناء سلسلة إيميلات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتثقيف المشتركين حول المنتجات، ثم تقديم عروض خاصة.
خلال أشهر، أصبح لدى المتجر قائمة بريدية سعودية قوية تحقق له مبيعات دورية دون الحاجة لرفع ميزانية الإعلانات بنفس الوتيرة السابقة.
مثال من الإمارات: شركة B2B تقلل اعتمادها على لينكدإن المدفوع
شركة تقنية في دبي كانت تعتمد كثيرًا على إعلانات لينكدإن لجذب العملاء من السعودية والإمارات. مع ارتفاع التكاليف، انتقلت إلى استراتيجية جديدة:
- استخدام AI لإنتاج تقارير وأوراق عمل (Whitepapers) عن مستقبل MarTech في الخليج.
- تقديم هذه المواد عبر صفحات هبوط مقابل الإيميل والبيانات الأساسية.
- بناء نشرة بريدية شهرية تستهدف مدراء التسويق في السعودية والإمارات، بمحتوى عميق ثنائي اللغة.
أصبحت النشرة وقاعدة بيانات المشتركين أصلًا تسويقيًا مملوكًا، يمكن استثماره في إطلاق منتجات وخدمات جديدة بدون بدء كل مرة من الصفر في لينكدإن Ads.
مثال من مصر: صانع محتوى يحوّل جمهوره إلى مجتمع مملوك
صانع محتوى تعليمي مصري في مجال التسويق الرقمي كان يعتمد على تيك توك ويوتيوب فقط. اتجه مؤخرًا إلى:
- استخدام الذكاء الاصطناعي لتخطيط سلسلة دروس قصيرة مجانية تُقدّم عبر جروب تيليجرام.
- جمع الإيميلات من المهتمين بالدروس، مع سؤال عن الدولة (مصر، السعودية، الإمارات…)
- إرسال نشرات محتوى شخصية لكل فئة (مبتدئين في مصر، مسوقين عاملين في السعودية، فريلانسرز في الخليج… إلخ).
بهذا أصبح لديه مجتمع مملوك وقائمة بريدية يمكنه الاعتماد عليها في بيع كورساته وخدماته، بعيدًا عن التقلبات المحتملة في خوارزميات تيك توك أو يوتيوب.
التحديات التي يناقشها المسوقون حول هذا التحوّل
رغم الإيجابيات، تدور الآن عدة تساؤلات في المجتمع التسويقي العربي:
1. بناء الأصول يحتاج وقتًا وصبرًا
العقلية التي تعوّدت على “إعلان اليوم – مبيعات اليوم” تجد صعوبة في تقبّل فكرة:
- الاستثمار في محتوى طويل الأمد.
- بناء قائمة بريدية تنمو شهرًا بعد شهر.
- رعاية مجتمع يحتاج إلى إدارة وتفاعل حقيقي.
الذكاء الاصطناعي يساعد في تسريع الإنتاج، لكنه لا يختصر طبيعة الوقت التراكمي المطلوبة لبناء هذه الأصول.
2. الجودة أهم من الكم رغم قوة AI
إنتاج 20 مقالًا أو 50 رسالة بريدية بالذكاء الاصطناعي لا يعني أنك بنيت أصلًا قويًا؛ ما لم يكن:
- المحتوى عميقًا وملائمًا للسوق (السعودي، الإماراتي، المصري).
- منسجمًا مع هوية البراند وقيمه.
- مبنيًا على معرفة حقيقية باحتياجات الجمهور.
لذا تبقى حاجة لمراجعة بشرية واعية تضبط نبرة النص، الأمثلة المحلية، والوعود التسويقية.
3. إدارة التقنية والتكاملات
تطبيق هذه الاستراتيجية يتطلب:
- اختيار منصات بريد، أتمتة، وإدارة محتوى تدعم العربية.
- تكاملًا مع المتجر أو الموقع أو أنظمة الدفع.
- فهمًا أساسيًا لتقسيم الجمهور (Segmentation) والرحلات (Journeys).
وهذه أمور ما زال كثير من المشاريع في السعودية ومصر والإمارات تتعلمها في مراحل مبكرة.
كيف تبدأ عمليًا في تقليل اعتمادك على الإعلانات وبناء أصول مملوكة بالذكاء الاصطناعي؟
1. اختر أصلًا واحدًا لتبدأ به: الإيميل، المجتمع، أو المحتوى
ليس عليك فعل كل شيء مرة واحدة. اسأل نفسك:
- هل جمهوري الحالي أنسب للبريد؟ (B2B، تعليم، منتجات متكررة)
- أم للمجتمعات؟ (كورسات، تدريب، محتوى، بيزنس شخصي)
- أم لمحتوى دائم يجلب زيارات بحث؟ (مقالات، يوتيوب، بودكاست)
اختر قناة واحدة كبداية، وركّز عليها لمدة 3–6 أشهر.
2. استخدم الذكاء الاصطناعي لتسريع البناء دون التضحية بالهوية
استعن بـ AI في:
- اقتراح مواضيع.
- كتابة المسودات الأولى.
- إعادة تدوير المحتوى بين قنوات مختلفة.
لكن احتفظ بدورك أنت في:
- اختيار القصص والأمثلة من واقع عملائك في السعودية والإمارات ومصر.
- ضبط اللغة بما يناسب جمهورك (رسمية، عامية خفيفة، ثنائية اللغة).
- تحديد الرسائل الأساسية التي تعكس رؤية البراند وقيمه.
3. اربط بين الأصول بذكاء
مثلًا:
- منشورات السوشيال → تدعو لتحميل دليل مجاني → ينضم الزائر للقائمة البريدية.
- القائمة البريدية → تدعو للانضمام لمجتمع واتساب أو تيليجرام.
- المجتمع → يقود إلى محتوى دائم (مقالات، فيديوهات) يعمق الثقة، ثم عروض مدفوعة.
الذكاء الاصطناعي يمكنه اقتراح تسلسلات (Sequences) فعالة لهذا الربط حسب سلوك جمهورك في كل دولة.
4. استمر في استخدام الإعلانات – لكن كأداة دعم لا كعمود واحد
الفكرة ليست هجر الإعلانات، بل استخدامها لـ:
- جلب مشتركين جدد إلى قائمتك أو مجتمعك.
- تسريع انتشار المحتوى الدائم.
- اختبار أفكار وعروض قبل تعميمها على أصولك.
مع الوقت، يصبح نصيب الأصول المملوكة في مبيعاتك أكبر، ونصيب الاعتماد على الإعلانات أقل، خاصة في أسواق متقلبة مثل السعودية والإمارات ومصر.
الخلاصة: الذكاء الاصطناعي يبني جسرًا من «تأجير المنصات» إلى «امتلاك القنوات» في المنطقة
ما يتشكل الآن في الخليج والشرق الأوسط هو وعي جديد بأن التسويق الرقمي لا يمكن أن يستند بالكامل إلى أرض مستأجرة (منصات الإعلانات)، وأن الذكاء الاصطناعي هو الأداة المثالية لبناء أصول مملوكة بسرعة وبكفاءة.
في السعودية، يساعد AI المتاجر والشركات على تحويل زوار الإعلانات إلى مشتركين حقيقيين في قوائم ومجتمعات. في الإمارات، يمكّن الشركات الإقليمية من بناء قواعد معرفية ومحتوى دائم يخدم عدة أسواق. في مصر، يمنح المشاريع الصغيرة والمتوسطة فرصة لبناء قنوات مملوكة دون تكاليف ضخمة.
من يدرك هذا التحول ويبدأ – ولو بخطوات صغيرة – في بناء أصوله التسويقية المملوكة اليوم، مستخدمًا قوة الذكاء الاصطناعي في التسويق الرقمي مع فهم عميق لسوقه المحلي في السعودية، الإمارات أو مصر، سيكون أكثر أمانًا وربحية في السنوات القادمة من أولئك الذين يراهنون على إعلان اليوم فقط.
الأسئلة الشائعة (FAQ)
هل يعني بناء أصول مملوكة أن أتوقف عن الإعلانات تمامًا؟
لا، الإعلانات ستظل أداة مهمة، خاصة في أسواق تنافسية مثل السعودية والإمارات. الفكرة هي تغيير دورها من “مصدر المبيعات الوحيد” إلى “محرك لجلب الناس إلى أصولك المملوكة” مثل القائمة والمجتمع والمحتوى الدائم.
ما الأصل الأفضل للبدء به في مصر أو السعودية؟
إن كنت تقدم خدمات أو منتجات تحتاج توعية وشرحًا، فالقائمة البريدية والمحتوى الدائم (مقالات، يوتيوب) هما خيار ممتاز. إن كان نشاطك قائمًا على العلاقة القريبة (كورسات، تدريب، استشارات)، فابدأ ببناء مجتمع صغير على واتساب أو تيليجرام مع جمع الإيميلات من البداية.
كيف أتجنب أن يكون المحتوى المولّد بالذكاء الاصطناعي مكررًا أو بلا روح؟
باستخدام AI كبداية فقط: دع الأداة تقترح وتكتب المسودة، ثم أضف أنت خبرتك، قصص عملائك من السعودية والإمارات ومصر، أمثلة حقيقية، وآرائك الشخصية. المحتوى الذي يمزج بين قوة الذكاء الاصطناعي وتجربة الإنسان هو ما ينجح ويبقى.
#الذكاء_الاصطناعي #التسويق_الرقمي #الخليج #السعودية #الامارات #مصر #القائمة_البريدية #مجتمعات_رقمية #محتوى_دائم #AI_Marketing
